السلام عليكم
امتحان الدنيا في جزءٍ من كتاب ، وفي ورقاتٍ معدوداتٍ من دفتر ، في مجالٍ من مجالات الحياة ، وضربٍ من ضروب العلم .
أمَّا امتحان الآخرة ففي كتابٍ لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاَّ أحصاها ، قد حوى الأقوال ، وأحصى الأفعال ، وأحاط بالحركات والسَّكنات ، وألمَّ بالخطرات والهنَّات والزلاَّت !
قال تعالى :{ ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاَّ أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحدا }
فالصغائر مسجلة به ، كما أنَّ الكبائر مدوَّنة فيه .
قال تعالى :{ وكلُّ صغير وكبير مستطر }
فالعباد يقولون ويعملون ، والكُتَّاب يكتبون، ويوم القيامة يخرجُون ما كانوا يحصون و يستنسخون.
قال تعالى :{ هذا كتابنا ينطق عليكم بالحقِّ إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون }
فتنشر الفضائح ، وتظهر القبائح ، ويبدو ما كان مخبوءاً من ذنوبٍ وعصيان ، تحت ركام الغفلة والنسيان !
{ يوم يبعثهم الله جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كلِّ شيء شهيد }
امتحان الدنيا يخص فئة من الناس ، أما الآخرة فيشمل جميع الخلق .
• امتحان الدنيا يشرف عليه البشر ويضعون أسئلته ، أما الآخرة فيشرف عليه ويقومه رب البشر .
• في الدنيا الأسئلة مجهولة ، أما الآخرة فمادة اختبارها حسنات وسيئات ،
• في الدنيا الاختبار في قاعة منورة مكيفة وبها كل ما يخدم الطالب ويحافظ على هدوء نفسيته ، وفي الآخرة فالشمس تدنو من رؤوس الخلائق وهم حفاة عراة .
• الدنيا أسئلتها تحريرية ، والآخرة مشافهة أمام جبار السموات والأرض ليس بيننا وبينه ترجمان .
• أسئلة الدنيا لنا خيار في أن نجيب عما نعرفه ونترك مالانعرفه ، أما الآخرة فالأسئلة تشمل " عمره فيما أفناه ، وشبابه فيما أبلاه ، وماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وماذا عمل فيما علم " وجميعها سنجيب عنها دون خيارات أو ترك .
• هناك فرص تعوض في الدنيا من امتحان بديل ، أو دور ثان ، أو سنة أخرى ، أما الآخرة فلا فرص وإنما نتيجة أبدية : جنة أو نار .
• لا يعلم عن امتحان الدنيا إلا المقربون ، أم الآخرة فتعلن نتيجتها على رؤس الخلائق .
• ينتهي امتحان الدنيا بالخروج من القاعة ، أما الآخرة فأمامنا صراط ، وكتاب يؤخذ بشمال أو يمين ، وجنة مفتحة الأبوب ـ بلغنا الله إياها ـ ونار تقاد بسبعون زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يقودونها ...
فيامن ترهبون امتحان الدنيا ... أين مساءلة النفوس ومحاسبتها للآخرة ؟ وماذا أعددتم لذلك اليوم العظيم الذي يبدأ اختباره من لحظات الاحتضار ، ثم سؤال الملكين ؟
فأعدوا للسؤال جواباً ، وللحساب عملاً ، قبل أن يتذكر المفرطون ويندم المقصرون .
*** لا اله الا الله *** اللهم انك عفو تحب العفو فاعفو عنا ***