لعَمْرُكَ، ما الدّنيا بدارِ بَقَاءِ؛ | كَفَاكَ بدارِ المَوْتِ دارَ فَنَاءِ |
فلا تَعشَقِ الدّنْيا، أُخيَّ، فإنّما | يُرَى عاشِقُ الدُّنيَا بجُهْدِ بَلاَءِ |
حَلاَوَتُهَا ممزَوجَة ٌ بمرارة | ورَاحتُهَا ممزوجَة ٌ بِعَناءِ |
فَلا تَمشِ يَوْماً في ثِيابِ مَخيلَة | فإنَّكَ من طينٍ خلقتَ ومَاءِ |
لَقَلّ امرُؤٌ تَلقاهُ لله شاكِراً؛ | وقلَّ امرؤٌ يرضَى لهُ بقضَاءِ |
وللّهِ نَعْمَاءٌ عَلَينا عَظيمَة | وللهِ إحسانٌ وفضلُ عطاءِ |
ومَا الدهرُ يوماً واحداً في اختِلاَفِهِ | ومَا كُلُّ أيامِ الفتى بسَوَاءِ |
ومَا هُوَ إلاَّ يومُ بؤسٍ وشدة | ويومُ سُرورٍ مرَّة ً ورخاءِ |
وما كلّ ما لم أرْجُ أُحرَمُ نَفْعَهُ؛ | وما كلّ ما أرْجوهُ أهلُ رَجاءِ |
أيَا عجبَا للدهرِ لاَ بَلْ لريبِهِ | يخرِّمُ رَيْبُ الدَّهْرِ كُلَّ إخَاءِ |
وشَتّتَ رَيبُ الدّهرِ كلَّ جَماعَة | وكَدّرَ رَيبُ الدّهرِ كُلَّ صَفَاءِ |
إذا ما خَليلي حَلّ في بَرْزَخِ البِلى | فَحَسْبِي بهِ نأْياً وبُعْدَ لِقَاءِ |
أزُورُ قبورَ المترفينَ فَلا أرَى | بَهاءً، وكانوا، قَبلُ،أهل بهاءِ |
وكلُّ زَمانٍ واصِلٌ بصَريمَة | وكلُّ زَمانٍ مُلطَفٌ بجَفَاءِ |
يعِزُّ دفاعُ الموتِ عن كُلِّ حيلة | ويَعْيَا بداءِ المَوْتِ كلُّ دَواءِ |
ونفسُ الفَتَى مسرورَة ٌ بنمائِهَا | وللنقْصِ تنْمُو كُلُّ ذاتِ نمَاءِ |
وكم من مُفدًّى ماتَ لم يَرَ أهْلَهُ | حَبَوْهُ، ولا جادُوا لهُ بفِداءِ |
أمامَكَ، يا نَوْمانُ، دارُ سَعادَة | يَدومُ البَقَا فيها، ودارُ شَقاءِ |
خُلقتَ لإحدى الغايَتينِ، فلا تنمْ، | وكُنْ بينَ خوفٍ منهُمَا ورَجَاءُ |
وفي النّاسِ شرٌّ لوْ بَدا ما تَعاشَرُوا | ولكِنْ كَسَاهُ اللهُ ثوبَ غِطَاءِ |