منتدى حياتي لله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى حياتي لله

منتدى حياتي لله
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بأبي أنت وأمي يا رسول الله............الجزء الاول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
manxx
شاب مميز
شاب مميز
manxx


ذكر
عدد الرسائل : 141
العمر : 36
المزاج : معتدل
بلد الإقامة : الجزائر
الجنسية : الجزائرية
تاريخ التسجيل : 09/04/2008

بأبي أنت وأمي يا رسول الله............الجزء الاول Empty
مُساهمةموضوع: بأبي أنت وأمي يا رسول الله............الجزء الاول   بأبي أنت وأمي يا رسول الله............الجزء الاول I_icon_minitimeالإثنين أبريل 14, 2008 10:07 pm

Exclamation تدلهمّ على الناس الخطوب وتفجؤهم المصائب الكبيرة، فإذا تأملوها حق التأمل وجدوا فيها من فضل الله وإحسانه ما تعجز الألفاظ عن التعبير عنه.

Exclamation لقد فوجئ المسلمون بحفنة من الحاقدين النصارى الذين أعمى بصيرتهم شعاعُ الحق الظاهر من دين الإسلام، الدين الذي رضيه الله تعالى لعباده ولم يرض ديناً سواه، فذهب هؤلاء المنكوسون يفرغون حقدهم وضلالهم في العيب والذم لرسول الله تعالى الذي أرسله ربه ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.

Exclamation لقد كانت فاجعة وأي فاجعة ومصيبة وأي مصيبة، لكن الله جعل من ذلك فرصة عظيمة للمسلمين لبيان حبهم لدينهم وشدة تمسكهم به، وبذل الغالي والنفس والنفيس للذود عن حبيبهم، ومهما كتب الكاتبون ومدح المادحون ونافح المنافحون فلن يستطيعوا أن يوفوه حقه اللائق به صلى الله عليه وسلم، ولكنها كلمات يكتبها المسلم المحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليعبر بها عن بعض ما بداخله، وليؤدي جزءاً مما يجب عليه نحوه، كيف لا وقد أخرجنا الله تعالى به من الظلمات إلى النور وهدانا به الصراط المستقيم؛ فمن أقل ما يجب علينا أن ننتهز هذه الفرصة لنعّبر عما يجيش في صدورنا تجاه هذا الرسول الأكرم الذي لم تعرف له البشرية نظيراً أو مدانياً، وما مثل الكاتبين ومثل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا كمثل رجل دخل بستاناً مثمراً من كل أنواع الثمار التي تحبها النفوس وتشتهيها، وذلك وقت نضجها، فلم يدر من شدة جمالها وحسنها ماذا يأخذ وماذا يدع.

cheers * كيف كان العالم قبل مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم؟ كان العالم كله يعيش في ظلمات الجهل والضلالة والشرك، إلا عدداً قليلاً جداً ممن حافظ على دينه من أهـل الكتاب، فلم يحرفوه أو يقبلوا تحريفه ممن قام به.

يقول الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم: «إن الله نظر إلى أهل الأرض، فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء، تقرؤه نائماً ويقظان...»[1]، فهذا الحديث يصور الحالة البشعة التي كان عليها العالم قبل مبعث خير البرية، حيث استوجبت من الله تعالى أشد البغض، وهذا لا يكون إلا مع الانغماس التام في الضلالة والبعد عن سنن الرشاد.

فقد كان العرب يئدون البنات ويحرّمون أشياء مما رزقهم الله تعالى بغير حجة أو برهان.

قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: "إذا سرّك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [الأنعام: 140]" [2].

وكانوا يأكلون الميتة ويشربون الدم، كما قال الله تعالى مبيّناً حالهم، وآمراً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الأنعام: 145]، وفوق ذلك كله كانوا مشركين يعبدون الأصنام والأوثان من دون الله، ويحرّمون على أنفسهم الاستفادة من بعض حيواناتهم، ويجعلون إنتاجها للطواغيت، كما نعى الله عليهم ذلك في قوله: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} [المائدة: 103][3]، ولم يكن أهل الكتاب أحسن حالاً منهم، فحرّفوا كتابهم المنزّل على رسولهم، وافتروا على الله الكذب وأشركوا بالله، وادّعى اليهود أن لله تعالى ولداً، كما ادّعت النصارى أن لله تعالى ولداً: {وَقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30] تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله تعالى.

قال الله تعالى في وصف ذلك: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة : 31]، ولم يكونوا يتناهون عن المنكرات التي تحدث بينهم كما قال الله عنهم: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ} تفسير قوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة : 78-79]، وكان المجوس يعبدون النار ويستحلون نكاح المحارم فينكح الرجل منهم أخته أو ابنته.

وبالجملة: فقد كان العالم في ظلام دامس وشرك وضلال، حتى جاءهم الرسول الكريم بالرسالة الشاملة الهادية إلى صراط مستقيم؛ فبأبي أنت وأمي يا رسول الله! كما يبين الحديث الغرض الذي لأجله بعثه الله تعالى وهو دعوة الناس إلى الله تعالى ومجانبة طريق الشرك والضلال، وإخراجهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم.

قال النووي: "إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، معناه: لأمتحنك بما يظهر منك من قيامك بما أمرتك به من تبليغ الرسالة، وغير ذلك من الجهاد في الله حق جهاده، والصبر في الله تعالى وغير ذلك، وأبتلي بك من أرسلتك إليهم؛ فمنهم من يظهر إيمانه ويُخلص في طاعاته، ومن يتخلف ويتأبد بالعداوة والكفر، ومن ينافق"[4].

ولم ينس الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان العدل والإنصاف من شمائله أن يستثني من الشرك والضلالة طائفة من أهل الكتاب ظلت محافظة على عهد الله تعالى إليهم، فقال: «إلا بقايا من أهل الكتاب»؛ فالإسلام دين يحث على العدل والإنصاف وعدم غمط الناس.
قال الله تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران : 113] وقال: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسَابِ} [آل عمران: 199]، وقال: {وَمِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 75] وغير ذلك من الآيات.

cheers * ماذا قدّمت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم للعالمين؟ بعد أن عمَّ الشرك والجهل والضلال والظلم العالم كله، وكان في حاجة ماسة إلى من يخرجه من كل هذه الظلمات منَّ الله تعالى على العالمين ببعثته، كما قال تعالى: {الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ} [إبراهيم: 1]؛ فهو صلى الله عليه وسلم مرسل ليخرج الناس كلهم من أنواع الظلمات كلها إلى النور التام وليس جنساً دون جنس؛ إذ دعوته صلى الله عليه وسلم ليست قومية أو عنصرية، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحديد: 9]، فكان صلى الله عليه وسلم بذلك رحمة للناس جميعاً، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].

فدعا الناس إلى الله ربهم، لا يطلب منهم على ذلك أجراً أو مقابلاً، وتحمّل منهم في سبيل ذلك الأذى الكثير، ومنع العدوان على الناس حتى لو كانوا من الكافرين، فبلّغ عن ربه قوله: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ} [المائدة: 2] الشنآن: هو البغض.

ومنعَ الظلم بين الناس ولم يقبله حتى من أتباعه على أعدائه، وأمر بالعدل حتى مع الأعداء، فبلَّغ عن ربه تعالى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].

ودعا الناس إلى الوفاء بالعهود والعقود حتى مع الأعداء، ولم يكونوا كالذين قالوا: ليس علينا لمن خالفنا في ديننا أية حقوق، يستحلون بذلك ظلم من يخالفهم ويكذبون على الله وينسبون ذلك إليه [5]، فبلَّغ عن ربه تعالى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وقوله: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 91].

وقد كان النهي عن الخيانة من الأحكام التي جاء بها الرسول الكريم وبلّغها للناس، حتى من يُخشى خيانته من الأعداء؛ فلا ينبغي خيانتهم؛ لأن الخيانة خلق ذميم والله لا يحب الخائنين.

قال الله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ} [الأنفال: 58]؛ فإذا خاف الرسول صلى الله عليه وسلم أو أتباعه من قوم عاهدوهم خيانةً بإمارة تلوح أو ترشد إلى ذلك، فلا ينبغي للمسلم أن يخون بناء على ما ظهر من إقدام العدو على الخيانة، ولكن عليه أن يبين لهم أن العهد الذي بيننا وبينكم قد ألغي.

قال ابن كثير: "أي: أعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم حتى يبقى علمك وعلمهم بأنك حرب لهم، وهم حرب لك، وأنه لا عهد بينك وبينهم على السواء، أي: تستوي أنت وهم في ذلك" [6]؛ فإن غير ذلك من الخيانة، والله لا يحب الخائنين.

وقد كان لتعليماته صلى الله عليه وسلم أكبر التأثير على أصحابه، فالتزموا بها حتى ضربوا أروع الأمثلة في كل ذلك؛ فعن سليم بن عامر رجل من حمير قال: كان بين معاوية وبين الروم عهد، وكان يسير نحو بلادهم، حتى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجل على فرس أو بِرْذَوْنٍ وهو يقول: الله أكبر... الله أكبر، وفاء لا غدر، فنظروا؛ فإذا عمرو بن عبسة، فأرسل إليه معاوية فسأله، فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدة ولا يحلّها حتى ينقضي أمدها، أو ينبذ إليهم على سواء، فرجع معاوية» [7].

فما أحسن أثر دعوته صلى الله عليه وسلم على العالمين جميعاً، وما أقبح موقف الكافرين منه، الذين ناصبوه العداء وعاندوا دعوته، فبأبي أنت وأمي يا رسول الله!

cheers * احتماله صلى الله عليه وسلم الأذى في تبليغ الدعوة: وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التمسك بالحق والثبات عليه وعدم التضعضع أمام الباطل وسلطانه؛ فعن عقيل ابن أبي طالب قال: "جاءت قريش إلى أبي طالب رضي الله تعالى عنه فقالوا: إن ابن أخيك يؤذينا في نادينا وفي مجلسنا فانهه عن أذانا، فقال لي: يا عقيل! ائت محمداً. قال: فانطلقت إليه، فجاء في الظهر من شدة الحر فجعل يطلب الفيء يمشي فيه من شدة حر الرمضاء، فأتيناهم، فقال أبو طالب: إن بني عمك زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم وفي مجلسهم، فانْتَهِ عن ذلك! فحلَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء فقال: «أترون هذه الشمس؟» قالوا: نعم! قال: «ما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم على أن تُشعلوا منها شعلة».
فقال أبو طالب: ما كذبنا ابن أخي قط فارجعوا" [8]، يبين لهم شدة تمسكه بالحق الذي هداه الله إليه واستحالة تركه أو ترك الدعوة إليه؛ فكما أنهم عاجزون عن أن يشعلوا شعلة من الشمس فهو لا يمكنه ترك ما أوحاه الله إليه.

وإزاء هذا الإباء والثبات، عادته قريش وآذوه وصدوا الناس عنه، حتى بلغ بهم الأمر أن يتعاقدوا ويتعاهدوا على مقاطعة الرسول والمؤمنين ومن يسانده من أقربائه حتى لو كانوا على دين قريش، فقاطعوهم مقاطعة اجتماعية، لا يتزوجون منهم ولا يزوجونهم ولا يكلمونهم ولا يجالسوهم، وقاطعوهم مقاطعة اقتصادية لا يبتاعون منهم ولا يبيعون لهم، وكتبوا بذلك صحيفة وعلّقوها في سقف الكعبة، وظلت هذه المقاطعة ثلاث سنوات.

وانظر تصويراً لتلك الحالة الصعبة التي كان فيها المسلمون: يقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: "لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فخرجت من الليل أبول؛ فإذا أنا أسمع قعقعة شيء تحت بولي، فنظرت فإذا قطعة جلد بعير، فأخذتها فغسلتها ثم أحرقتها، فرضضتها بين حجرين ثم استففتها، فشربت عليها من الماء فقويت عليها ثلاثاً" [9]، وكانوا إذا قدمت العير مكة يأتي أحدهم السوق ليشتري شيئاً من الطعام لعياله، فيقوم أبو لهب عدو الله، فيقول: يا معشر التجار! غالوا على أصحاب محمد حتى لا يدركوا معكم شيئاً، فقد علمتم ما لي ووفاء ذمتي، فأنا ضامن أن لا خسار عليكم، فيزيدون عليهم في السلعة قيمتها أضعافاً، حتى يرجع إلى أطفاله وهم يتضاغون من الجوع، وليس في يديه شيء يطعمهم به [10] ؛ فما ردَّه ذلك عن دعوته، وقد بلغ الإيذاء بأصحابه مبلغه حتى اضطرهم ذلك إلى مغادرة الأوطان والهجرة منها، وترك التجارات والأموال والأهلين، وانتهى الأمر به صلى الله عليه وسلم إلى الهجرة وهو صابر محتسب صامد كالطود الأشم، تميد الجبال الشم وهو صلى الله عليه وسلم ثابت لا ينحني، ولم يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يساوم على دعوته، أو يقبل بما يدعونه من الحلول الوسط، بأن يكتم بعض ما أنزل الله إليه في سبيل أن يمتنع الكافرون عن معاداته أو محاربته، أو أن يلين في الحق مقابل أن يلينوا معه في مواقفهم، بل رفض كل ذلك وظل صامداً فصلى الله تعالى عليه وسلم، وقد سجل القرآن الكريم هذا الموقف بقوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9] وقال لهم في قوة وصلابة في الحق كما أمره ربه: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 1-6]، وعرضوا عليه الأموال والنساء والملك، فيأبى كلَّ ذلك ولسان حاله يقول: «واللهِ لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله تعالى أو أهلك دونه».

ولما مكّنه الله تعالى وأظهره لم يطغَ أو يظلم أحداً ولم يبغ العلو في الأرض، وإنما جاهد في الله حق جهاده، وبذل نفسه في سبيل ذلك، وسنَّ في ذلك سنناً هي في غاية العدل والكمال، فلا ظلم ولا اعتداء ولا إفساد، ولا رغبة في العلو في الأرض بالباطل، ولا رغبة في التوسع على حساب الشعوب، بل كان يدعوهم إلى الله تعالى لا إلى نفسه ولا إلى قومه، حتى كان العربي والعجمي في كنفه سواء؛ فهذا بلال الحبشي مؤذنٌ لصلاة المسلمين بين يدي رسول الله، وهذا صهيب الرومي الذي ترك ماله لقريش حتى لا يمنعوه من الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول له: «ربح البيع أبا يحيى!» وهذا سلمان الفارسي الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «سلمان منا أهل البيت»، وكان يدعو الناس فمن قَبِلَ منهم دعوة الله كان واحداً من المسلمين، له ما لهم وعليه ما عليهم، من غير تفرقة بلون أو لغة أو جنس، وهذه هي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن خرج مجاهداً في سبيل الله تعالى؛ مما يبين بكل وضوح نبل غاية الجهاد، وأنه جهاد لإحقاق الحق وليس للعلو في الأرض أو الإفساد؛ فعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلُّوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً! وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال؛ فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية؛ فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم! .. الحديث" [11] فبأبي أنت وأمي يا رسول الله! * الأمانة في تبليغه صلى الله عليه وسلم الدعوة: حيثما توجهت مع الرسول الكريم لا تجد إلا الطهر والنقاء، والثبات والقوة، والصدق والأمانة، يبلِّغ ما أوحاه الله إليه، ولا يُخفي منه شيئاً، حتى لو كان فيما أمر بتبليغه ما يدل على معاتبته على أحد التصرفات، فبلّغ قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَن جَاءَهُ الأَعْمَى* وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى* أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى} [عبس: 1-4].


وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مولى اسمه زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه تبناه الرسول قبل البعثة، وكانت عادة العرب أن زوجة الابن تحرم على الوالد، ولو لم يكن ابناً للصلب، وإنما كان ابناً بالتبنّي، وأراد الله تعالى أن يهدم هذا العرف الجاهلي، فلما طُلقت زينب بنت جحش زوجة زيد رضي الله تعالى عنها شرع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم زواجها ليكون هو أول من يهدم هذا العرف الجاهلي؛ لكن هذا الأمر كان صعباً على تلك البيئة؛ لتأصّل تلك العادة فيهم، فأخفى صلى الله عليه وسلم في نفسه هذه المشروعية، فقال الله تعالى له في شأن زينب بنت جحش وزوجها زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ} [الأحزاب: 37] فبلّغها ولم يكتمها، قال أنس: "جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اتق الله وأمسك عليك زوجك!» قال أنس: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً لكتم هذه، قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زوّجكن أهاليكن، وزوّجني الله تعالى من فوق سبع سموات" [13]؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم أمين على وحي الله تعالى يبلغه كما أنزله الله عليه، لا يزيد فيه ولا ينقص
*******منقول *********
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بأبي أنت وأمي يا رسول الله............الجزء الاول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بأبي أنت وأمي يا رسول الله........الجزء الثاني
» نصر ة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق الإيمان به وبرسالته
» [b]الانتهاء من موقع رسول الله صلى الله عليه وسلم[/b]
» عمر بن الخطاب .....الجزء الاول
» المولد وأربعون عامًا قبل النبوة ......الجزء الاول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى حياتي لله :: المنتدى الإسلامي :: نصره لرسول الله-
انتقل الى: